بالنظر إلى التحديات التربوية المتزايدة في سياقاتٍ معقدة ومتغيرة، تبرز الحاجة إلى إعادة النظر في علاقة البحث العلمي بصنع القرار التربوي. فمع تطور أدوات التحليل، واتساع الفجوة بين مخرجات البحوث ومتطلبات السياسات، أصبحت استجابة المنظومات التعليمية لهذه التحولات رهناً بقدرتها على استثمار المعرفة البحثية بشكل فعّال واستباقي. وقد أظهرت النقاشات والمداخلات في هذا المؤتمر أن تجاوز هذه الفجوة يتطلّب منظومة متكاملة من البنى التنظيمية، والشراكات المؤسسية، والتقنيات الحديثة، فضلاً عن مقاربات متعددة التخصصات، تضمن مواءمة السياسات مع حاجات المجتمع ومقتضيات العصر.
وبناءً على هذه المعطيات، يقدّم المؤتمر
التوصيات الآتية ضمن أربعة محاور رئيسية، ترمي إلى تعزيز دور البحث العلمي في
تطوير السياسات التربوية وضمان استدامة التعليم وجودته.
المحور الأول: تحدّيات توظيف البحث العلميّ في صنع
القرار التّربوي واستراتيجيات معالجتها
فيما يلي أبرز هذه التحديات:
-
إنشاء وحدات في الوزارات والجامعات، مهمّتها ترجمة نتائج
الأبحاث إلى توصيات سياساتية قابلة للتطبيق.
-
اعتماد آلية "الملخّص السياسات "كصيغة
رسمية مرافقة لأي بحث تربوي مموّل.
-
تضمين ممثّلين من وزارات التربية في اللجان العلمية
للمشاريع البحثية منذ مرحلة التصميم.
-
ربط التمويل البحثي بشرط تقديم مخرجات مخصصة لصنّاع
القرار.
-
تطوير إطار تشريعي وتنظيمي شامل لتمويل البحوث التربوية،
من أجل تنظيم عملية التمويل بشكل عادل وفعّال، وضمان توظيف نتائج الأبحاث في تطوير
السياسات التعليمية.
المحور الثاني: دور الجامعات ومراكز الأبحاث في تطوير
السياسات التربوية
يتمثل هذا الدور في النقاط التالية:
-
إبرام اتفاقيات تعاون رسمية بين الجامعات ووزارة
التربية، تُحدّد فيها أدوار الجامعات في تطوير السياسات.
-
إدراج وحدة "سياسات تربوية" في مراكز الأبحاث
التربوية، تُعنى بتحويل نتائج البحوث إلى توصيات محددة ومؤشرات قابلة للقياس.
-
تمويل الابحاث المرتبطة بمشكلات تربوية فعلية في
السياسات والممارسات المحلية.
-
إطلاق منصة وطنية للبيانات التربوية المفتوحة لتسهيل وصول
الباحثين إلى المعطيات اللازمة لصياغة أبحاث موجهة للسياسات.
المحور الثالث: التكامل البحثي بين التخصصات الأكاديمية
لضمان استدامة التعليم
اليكم أبرز ملامح هذا
التكامل:
-
تصميم منح تمويل مشتركة تُشترط فيها فرق بحثية متعددة
التخصصات.
-
إنشاء مختبرات بحثية متعددة التخصصات في الجامعات (مثل:
مختبر التعليم المستدام، مختبر التربية الرقمية).
-
تطوير برامج تعليم جامعية متعددة التخصصات (interdisciplinary) تعزز
التفكير الشمولي في قضايا التعليم.
-
تنظيم ندوات دورية حول القضايا التعليمية من زوايا
أكاديمية متعددة (علم اجتماع، أعصاب، ذكاء اصطناعي…).
المحور الرابع: توظيف التكنولوجيا في تطوير السياسات
التربوية
يتجلى هذا التوظيف من خلال:
-
استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات
التربوية الضخمة (Big
Data) لرصد
الفجوات واقتراح سياسات قائمة على الأدلة.
-
تصميم لوحات تحكّم رقمية (Dashboards) توفّر مؤشرات آنية لصنّاع
القرار حول أداء النظام التربوي.
-
اعتماد أدوات محاكاة (Simulation Tools) لاختبار أثر
السياسات قبل اعتمادها.
-
تطوير سياسات وطنية لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي في
التعليم، تراعي حماية البيانات والعدالة في التقييم.
توصيات شاملة لما بعد المؤتمر:
-
إنشاء لجنة متابعة تنفيذ التوصيات.
-
نشر تقرير ختاميّ يتضمّن توصيات سياسية موجّهة إلى
الجهات المعنيّة.
شكرا جزيلا لكل من ساهم في نجاح هذا المؤتمر، ونتمنى لكم
كل التوفيق